علاقتي مع اتحاد فلاسفة العرب: تجربة قصيرة وآفاق واعدة ـ رشيد فروم

علاقتي مع اتحاد فلاسفة العرب: تجربة قصيرة وآفاق واعدة

رشيد فروم

أ. رشيد فروم[*]

   بودي في بداية هذا المقال المتواضع أن أعبر عن خالص امتناني وشكري لإدارة اتحاد فلاسفة العرب التي أتاحت لي هذه السانحة وشرفتني بدعوة للكتابة بمناسبة الذكرى الرابعة لإطلاق فكرة الاتحاد والأولى لبدء نشاطه عمليا والتي تصادف شهر نوفمبر القادم.

هي ليست قصة سردية على شاكلة السير الذاتية التي يتداولها المشاهير في الأوساط الفنية والثقافية والسياسية وغيرها، إنما هي وقفة وصفية بسيطة لعلاقتي مع هذا التجمع الفكري المتميز الذي يضم نخبة متميزة من رجالات الفكر والمعرفة في العالم العربي الإسلامي، علاقة شرفتني وأضافت لي أشياء جميلة على الصعيد الشخصي والمهني.

   بداية التواصل كانت حوالي ربيع سنة 2022 مع شخص رئيس اتحاد فلاسفة العرب الدكتور المحترم: محمد عرفات حجازي على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، ولم يكن لي اتصال قبل ذلك بالاتحاد ولا بأنشطته، حتى أنني لم أطلع على الإعلان الخاص بتنظيم المؤتمر الدولي الأول حول  "الفلسفة للأطفال"  في حينه ولم أدرك ذلك إلا قبل انعقاده بأيام قليلة.

   بخصوص موضوع الفلسفة للأطفال، لا يفوتني أن أعرج على تلك المصادفة الفكرية الجميلة التي ربطتنا باتحاد فلاسفة العرب، حيث كان لنا في قسم الفلسفة بجامعة عنابة بالجزائر، يوم دراسي تحت عنوان "تدريس الفلسفة بين الواقع والمأمول"، وذلك بتاريخ 11/05/2022، حيث عرفت هذه المناسبة العلمية المثمرة مداخلات متنوعة حول الموضوع، اختلفت بين تشخيص المشكلات البيداغوجية والتربوية للدرس الفلسفي (الجزائري خصوصا) وكذا الكشف عن الأدوات الفاعلة لتطويره والارتقاء به  في الحقل الأكاديمي والتربوي.

   وقد كانت الطروحات جادة والنقاشات ثرية زادت في تعميق الفائدة من الموضوع، ولعل اللافت في الأمر أنه ومن بين النقاط المهمة التي أثيرت في خضم النقاش، موضوع تدريس الفلسفة لأطفال، وكانت من بين المقترحات لإنجاح الدرس الفلسفي في البلاد، مع ضرورة إعداد وتكييف مناهج خاصة لذلك خصوصا في مرحلة التعليم المتوسط ولما لا المرحلة الابتدائية في مرحلة لاحقة.

   طبعا فإن التجربة جديدة في الجزائر، خصوصا على المستوى الرسمي، لذلك فقد كان تدارسها يجلب كثيرا من الإثارة والفضول والترقب.

   وعن نفسي فقد كانت هذه النقطة الأخيرة محل شغف شخصي، ورغبة في فتح مجالات أخرى لتدارسها في جامعاتنا ومؤسساتنا التربوية.

   ومثلما أشرت سابقا، فقد كانت صدفة جميلة أن نظم اتحاد فلاسفة العرب مؤتمره الدولي الأول حول موضوع "الفلسفة للأطفال"، يومي 24 و25 ماي 2022، أي بعد حوالي أسبوعين من تنظيم اليوم الدراسي المنعقد بالجزائر حول موضوع "الدرس الفلسفي بين الواقع والمأمول"، كان هذا بالنسبة لي استمرار لنشوة الفكرة وتتويج لبعض المأمول من اليوم الدراسي في نقطة تدريس الفلسفة للأطفال، وهذا ما جعلني متحمس لمتابعة أشغال المؤتمر والاستفادة من مداخلاته القيمة، ولا يفوتني في هذا الصدد أن أشكر جزيل الشكر الأستاذ الدكتور محمد عرفات حجازي على تشريفه لي بفرصة إدارة إحدى جلساته النيرة، حيث سعدت كثيرا بالتعرف على أساتذة كرام من دول شقيقة كمصر وتونس والسعودية والعراق واليمن، والاستفادة منهم كما في بقية جلسات هذا المؤتمر الموقر.

   ينبغي التنويه أنني وبعد المشاركة في فعاليات هذا المؤتمر الذي أشرت إليه سابقا، صرت متابعا شغوفا لما يقدمه اتحاد فلاسفة العرب من نشاطات إعلامية وثقافية على مواقع التواصل الاجتماعي أو اليوتيوب، وخاصة ما تعلق بالأبعاد الفلسفية للصورة أو المقاطع السينمائية والأفلام الموجهة للأطفال...الخ.

   وأتمنى صادقا أن تتجسد أفكار الاتحاد في بناء جسور واعدة للتواصل الفكري والمعرفي بين المفكرين والباحثين في العالم العربي والإسلامي، بعيدا عن التجاذبات الأيديولوجية والحسابات الضيقة التي تدفن كل مبادرة للحوار الجاد وتلاقح الأفكار.

   هي تجربة إذن، قصيرة زمنيا، ولكنها  ومن دون شك تجربة إيجابية وذات قيمة معتبرة على المستوى الشخصي، فتحت لي آفاقا جديدة للتواصل مع قامات متميزة في عالم الفكر والفلسفة والتربية من بلدان عربية شقيقة، وآمل أن يستمر هذا التواصل ويتنوع ليكون تواصلا حضوريا ودوريا بين الدول العربية لمناقشة موضوعات فكرية  تهم الجميع.

   كما اقترح على هيئة اتحاد فلاسفة العرب أن يطور معالجته وتشريحه لموضوع السينما والفلسفة بالانفتاح على الإنتاج السينمائي (القديم والجديد)، لمختلف الدول العربية وذلك من خلال نشاطات أو مسابقات وغيرها.

   آمل كذلك ان يستمر ويتنوع تواصل اتحاد فلاسفة العرب مع المؤسسات التربوية والأكاديمية لمختلف الدول العربية - ولو افتراضيا- لمناقشة قضايا ميدانية، مثلما كان الحال مع واقع الفلسفة الموجهة للأطفال.

   كلي ثقة بأن اتحاد فلاسفة العرب يكبر باستمرار، وينفتح أكثر على قضايا الفلسفة التطبيقية التي تلامس الحياة الاجتماعية والثقافية والإعلامية... في العالم العربي وغيره، من أجل فهم أكبر لها ومعالجة أعمق لمشكلاتها، وأتمنى التوفيق والسداد لكل أعضاء الاتحاد ومؤطريه ولكل الفاعين فيه من مختلف الرتب والمقامات.

شكرا وخالص مودتي للجميع.

 

 



جامعة باجي مختار - عنابة – الجزائر [*]

أحدث أقدم