قولٌ في فلسفة الذكاء الاصطناعي
لم يكن الذكاء الاصطناعي وليد اليوم، بل إن
جذوره تضرب في أعماق التاريخ، في تقديري، مع اختراع الآلة الحاسبة، مثلًا. وخلال
خمسينات القرن الماضي، ومع دعوة الإنجليزي آلن تورنج إلى تطوير الآلات وإكسابها
بعض المميزات البشرية، كالتفكير، وما لحق ذلك، من ظهور الانترنت، والترجمة الآلية،
وظهور مواقع التوصل الاجتماعي، وصولًا إلى أن أعلنت شركة OPEN AI، في 30 نوفمبر عام 2022م، عن تطبيق ChatGPT، وما عقبه من تطورات مُتسارعة،
أثارت الكثير من الجدل والانقسامات بشأن المخاوف من هذه التقنية.
الذكاء
الاصطناعي هو مجال من مجالات الحوسبة، يهتم بدراسة كيفية تصميم الأنظمة الحاسوبية،
التي تتمتع بالقدرة على القيام بالمهام التي تتطلب الذكاء البشري. ويشمل هذا
المجال، أيْ مجالُ الذكاء الاصطناعي، العديد من التقنيات والأدوات، التي تُستخدم
لتحليل البيانات، وتعلم الآلة، والتعرف على الصوت، والصورة، واللغة الطبيعية
وغيرها.
وأمام
تطبيقاتُ الذكاء الاصطناعي المتنوعة، والتي تشمل العديد من المجالات، تصاعدت
المخاوف، وتنامت الأسئلة. فهذا يبدي مخاوفه من سيطرة الآلة على المستقبل البشري،
وذاك يطرح تساؤلاته الأخلاقية المشروعة، وثالث يعبِّر عن قلقه في مجالات من قبيل
السياسة، أو الاقتصاد، أو الحروب والصراعات، وغير ذلك الكثير. وفي المقابل، فريق
يعقد الأمل على الذكاء الاصطناعي، ويرى فيه الخير، في كثير من المجالات.
خلال
الشهور الماضية، أبحرت في عالم الذكاء الاصطناعي وبعض تطبيقاته، مثل كتابة وتحليل
النصوص، وتحويل النص إلى صوت، وتحويل النص إلى صور، وتحويل النص إلى فيديو، أو
توليد الصور والفيديوهات، وصولًا إلى التزييف العميق سواء على مستوى الصوت أو
الصور أو الفيديوهات. وخلال رحلتي، زرت مئات المواقع، واختبرت تطبيقاتها.
وأمام
الطابع الاقتصادي الذي كسى تلك المواقع، أتساءل: هل تقبع أهداف أخرى خلف هذا الهدف
الربحي الظاهر؟، وإذا كانت تلك التطبيقات قد تخلّت عن البوصلة الأخلاقية، فهل يمكن
الاستناد إلى وعي شعوب المعمورة، عوضًا عن ذلك؟، ثم إلى أي مدى يمكن اعتبار السؤال
الأخلاقي سؤال الأسئلة؟، وقبل/ بعد هذا وذاك، إذا كان للفلسفة ما تقوله بشأن
الذكاء الاصطناعي، فهل يمكن لهذا الأخير أن يقدم لنا فلسفةً/ فلسفات حول بعض
قضايانا الراهنة، وأن يقضي على بعض إشكالاتنا،
وأن يعمل على تحسين حياتنا؟
إن
الأهداف المُعلنة لتلك التطبيقات تتمثل في عدة جوانب، من بينها: تحسين العمليات،
وتوفير الوقت والجهد، وتحسين الأداء، والدقة. ولأجل الوصول إلى تجربة متكاملة؛ عليك الاشتراك،
برسوم شهرية قد تصل، في بعض الأحيان، إلى أكثر من خمسين دولارًا ـ في ظل غياب تام
للضوابط والمعايير الأخلاقية.
وفي
تقديري، فالسؤال الأهم هو: "لماذا الذكاء الاصطناعي". وهذا السؤال
الغائي، نستطيع من خلاله، أن نحدد الأهداف العامة من تلك التقنيات، وبالتالي، ما
هي التطبيقات التي نحن بحاجة إليها، فنعمل على تعزيزها، في مقابل التطبيقات التي
يجب عدم ظهورها. ومن الغائية نستطيع، وبسهولة، الوصول إلى الضوابط والمعايير
الأخلاقية التي يجب الالتزام بها.
يتبع.