منذ قرابة ثلاثة عقود شاهدت
الفيلم المصري (كتيبة الإعدام)، لمؤلفه أسامة أنور عكاشة، والمخرج المبدع عاطف الطيب، وخلال تلك الفترة، كلما عُرَض الفيلم على الشاشة الصغيرة ـ أتفرغ تمامًا
لمشاهدته، وقد جذبني إليه العديد من المشاهد والحوارات والمواقف، ومن أبرزها كلمة
نقيب المحامين العرب في ساحة القضاء وتطوعه للدفاع عن المتهين، ولا أدري ما
السبب.. ومع بداية الألفية الثالثة جذبتني فكرة نقابة المحامين العرب ودورها في
الدفاع عن شرف الأمة.. ومعها اختمرت الأفكار في ذهني.
ومنذ عقد مضى بدأت في
الدراسات العليا، وحينها درست موادً لم أدرسها في المرحلة الجامعية في مصر، من
بينها فلسفة الاقتصاد، كما تحاورت مطولًا مع المرحوم الدكتور عيسى عبد الله أستاذ
فلسفة الرياضيات والتي لم ندرسها سابقًا. وحينها ذات تساؤلاتي إلى جانب أفكاري
المُختمرة سابقًا..
مُؤخرًا، قرابة أربعة أعوام
تقريبًا سألت نفسي: لماذا لا يجمع أساتذة الفلسفة العرب اتحادًا عربيًا على غرار
اتحاد المحامين العرب الذي تأسس عام 1944م، واتحاد الأطباء العرب المُؤسس عام
1962م، أو اتحاد المحاسبين العرب الذي تمّ تأسيسه عام 190م؟! وجاوبت على سؤالي
بسؤال آخر: ما هي الأهداف التي يمكن أن يحققها هذا الاتحاد المأمول؟، وهل يمكن أن
يعمل على نهضة أمتنا؟!..
إنّ الأهداف التي يمكن أن
يُحقّقها الاتحاد يمكننا أن نوجزها فيما يلي:
- تنسيق جهود الفلاسفة العرب لتعزيز مكانة الفلسفة وتنمية حضورها في الجامعات والمعاهد والمحافل الثقافية.
- تشجيع الدرس الفلسفي في الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية.
- تنشيط فعاليات الجمعيات الفلسفية في الوطن العربي.
- تنسيق وتبادل الخبرات بين المشتغلين في الفلسفة بهدف الارتقاء بالمناهج والبرامج.
- تنشيط البحث الفلسفي وإغناء المكتبة الفلسفية العربية لتواكب التقدم الفكري، وذلك بالتعاون مع العديد من الوسائل، منها: وزارات التعليم العالي، والتربية والثقافة.
- عقد المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية لإغناء الفلسفة العربية بالاتفاق والتعاون مع الجهات المعنية.
- تنسيق أنشطة المشتغلين بالفلسفة في المهجر وتفعليها في الوطن العربي.
- إنماء الروح النقابية ودعم العمل النقابي بين الفلاسفة العرب.
- توحيد أسس وشروط مزاولة مهنة تدريس الفلسفة في الوطن العربي.
- الارتقاء بالمستوى المهني إلى مستوى الدول المتقدمة التي سبقتنا تنظيمًا وخبرة.
- الانضمام إلى الاتحادات الدولية للفلسفة والمساهمة في ندواتها ومؤتمراتها.
- إصدار مجلة تابعة للاتحاد تعني بالتعريف ونشر ما كتبه الفلاسفة العرب، حتى وإن كانت تلك الأعمال قد سبق نشرها، إلى جانب نشر أعمال المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية.
- العمل على تأسيس أكاديمية موحدة تعني بتدريب وتأهيل قادة المستقبل من أجل المنافسة لقيادة مؤسسات الدولة.
وهذا الهدف الأخير، كنت قد تطرّقت إليه في مقال سابق بعنوان: القائد
الفيلسوف ينجح ـ الدكتور محمد الخشت نموذجًا، وهو ما عزّز من نموّ الفكرة في ذهني
مؤخرًا.
ربما يرى البعض سذاجة
الفكرة، أو عدم جدواها، ولكن أهل الفلسفة ليسو أقل شأنًا من المحامين أو الأطباء
أو المحاسبين، بل بالأحرى كان ينبغي أن تكون البداية والقدوة منهم إحقاقًا لمكانة الفلسفة وأهميتها.
وأخيرًا، قد تبدو المهمة صعبة، والطريق طويلة وبها الكثير من العقبات، ولكن يجمعنا دائمًا الهدف الأسمى وهو إعلاء الفلسفة ورجالاتها المخلصين، والذين بإمكانهم النهوض بالمجتمع العربي إلى مصاف الدول المتقدمة.. ويبقى الأمل!!..
**********************************
(المقال منشور بتاريخ 5/ 11/ 2018م على موقع huamsh.com، بنفس العنوان والمحتوى)
للاطلاع على المقال على الموقع: